الآن لنحذر كمين المحرضين!

تحول رسالة "أبو تريكة" إلى قضية رأي عام يتناولها نخبة الكتاب والسياسيين وأعضاء البرلمان في مصر¡ ويتحدث عنها العالم كله.
وعلى غير ما يتخيل البعض فقد تلقتها اسرائيل في مقتل¡ واستشعرتها هزيمة كبيرة لاعلامها المتغلغل ودعاياتها الحمقاء. ظلت توهم العالم بأنها لا تريد الاضرار بالناس في غزة وأنها متعاطفة معهم أيضا¡ فاذا بالبسطاء في العالم بعد فانلة أبو تريكة يتحدث عن ظلمهم وكبرهم وصلفهم وقذارتهم¡ وإذا بالاعلام الدولي يتناقل رسالته مصحوبة بتعاطف لم يسبق له مثيل مع شعب غزة.
حزنت بشدة لأن بعض الصحفيين عندنا في مصر لم يتفهم ذلك¡ فانتقدوا أبو تريكة متوقفين عند قواعد الفيفا وأن عدم احترامها يسيئ لنا. ولا أدري أي قواعد تلك التي لم نحترمها¡ وأي سياسة نقلناها إلى ملعب كرة قدم باعلان تعاطفنا مع أطفال ونساء ومسنين ومرضى¡ ولماذا نتخوف إلى هذه الدرجة¡ فنتصور ضغوطا وسلاسل تكبلنا¿!.. لماذا لا نرفع الرأس ونمشي بثقة نستمدها من ايماننا واليقين في وقوف الله معنا.
أستاذي المفكر الكبير فهمي هويدي وضع الموقف في اطاره الصحيح وجملته السليمة عندما قال "أبو تريكه مواطن مصري أصيل لم تمح ذاكرته أو يشوه إدراكه ولم تفسده الأضواء والشهرة¡ ولأن ضميره ظل حيا ونقيا فإنه لم ينس انتماؤه ولا قضية أمته فأعلن موقفه على الملأ بمنتهى الشجاعة والهدوء".
خلال الساعات الماضية نشطت المواقع الاسرائيلية لتشويه صورته مستخدمة كل الأحقاد الصهيونية والغل النفسي وتطوع نشطاء عملاء لتشويه صورته وهم الذين ينشرون الآن الاشاعات المغرضة عن انتماءاته.
الصحف الاسرائيلية حملت صوره على رأس صفحاتها الأولى¡ محرضة ضده وضد مصر. ويشارك رجال أعمال يهود في القارة الأفريقية في حملة التحريض باغداق الأموال على منافذ الشحن الاعلامي. والأكثر أن تلك الصحف نشرت أراء لقراء اسرائيليين تتمنى هزيمة مصر أمام زامبيا في مباراة اليوم¡ ويلفتون نظر الكاف إلى مراقبة سلوك اللاعبين المصريين وأبو تريكة نفسه عندما يحرزون أهدافا. وذكرت واقعة سجدة اللاعبين بعد الهدف الثالث لمصر الذي أحرزه أبو تريكة نفسه. يريدون ان يقولوا إنه شعار ديني جاء لاحقا لشعار سياسي¡ والمعنى في بطن هؤلاء.
كتب شخص يدعى "موشيه" في جريدة "يديعوت احرونوت" قائلا " يا رب تنهزم مصر من زامبيا"!.. هل يتخيل الظالم والمتغطرس أن الله معه¿!.. وقالت الصحيفة نفسها إن ما قام به يتنافى مع القوانين الدولية الرياضية. وحرض موقع أموميديا الاسرائيلي الفيفا والكاف على وقفه وترحيله من غانا وعلى المراقبة الحثيثة لمباريات مصر القادمة. ووصل به الأمر إلى تحريض الحكام علينا!
كتب قارئ اسرائيلي آخر "إننا نشجع لاعب غانا بنسيل الذي يلعب لفريق هابوعيل الاسرائيلي فقد رفع علم اسرائيل في مونديال المانيا".
لكن أهلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 عبروا عن تأييدهم وفخرهم بهذا الفتى الشهم¡ وقال أحدهم "كلنا نحب أبو تريكة". واحتفى به موقع فلسطيني اسمه "بكرة" ووضع صوره بشكل بارز¡ متلقيا مئات الرسائل التي تشيد به.
انطلق فيض من التضامن مع غزة على مستوى العالم كله بعد فانلة أبو تريكة التي قام بنفسه بالبحث عن شحص رسم له الشكل الذي ظهر عليها ومطبعة طبعت ذلك الشعار. ما نريده أن نقوله إن الرسالة وصلت والاتحاد الافريقي خضع لمظاهرات صاخبة من البريد الالكتروني وصلت إليه وأعلن أنه لن يوقع أي عقوبة مكتفيا بالتحذير الاداري¡ لذلك على لاعبينا أن يكونوا عند قدر الفهم السياسي لما يدبر الآن.
هناك تحريض هائل علينا واخبار وشائعات تناقلتها وسائل الاعلام ووكالات الأنباء عن لاعبين اثنين آخرين ينويان اظهار شعارات متضامنة مع غزة¡ وعلينا ألا نعطي المحرضين الفرصة لاستغلال ذلك. فلا جديد يمكن اضافته بعد رسالة أبو تريكة وهي رسالة معنوية ونفسية واعلامية حققت الغرض منها.
تقول إحدى الوكالات إن مسؤولي اتحاد الكرة المصري حذورا هذين اللاعبين وهددوا بترحيلهما لمصر خشية أن يؤدي ذلك لايقافهما¡ وحتى لا يستغل ذلك في الاضرار بمصالح منتخبنا نفسه.
أبو تريكة نفسه كان ذكيا وحريصا وذا أفق واسع عندما قال إنه تصرف بشكل شخصي انطلاقا من مشاعره وأنه لن يكرر ذلك ثانية. ربما استشعر أن بعض زملائه قد يقلده¡ فأراد أن يوضح لهما أن قوة الرسالة في طلقتها الأولى التي أصابت هدفها¡ وأن أي تكرار سيحولها المحرضون إلى مظاهرة سياسية تضر بمنتخبنا.
إنهم ينصبون لنا كمينا.. فلنتسلح بالفطنة والكياسة ونفسد عليهم ما يضمرون.