من مفكرة جندي مصري

طرت من الفرح عندما أبلغني القائد بأنني فى إجازة لمدة أسبوع0 لم أصدق نفسي بعد سماع هذا الخبر من القائد، فهنافى هذه الصحراء الشاسعة قليلا ما نسمع الأخبار السارة ، ونحن محاطون بسياج من القواعد والقوانين التي لا يمكن أن نخرج عنها ، ومن يكسرها يتعرض للمساءلة والمحاكمة.
مكثت أكثر من ثلاثة شهور لم أر فيها الحياة المدنية وصخبها 0 و انتظر اليوم الذي سأرى فيه خالد شقيقي، وأبى وامى، ونصفى الثاني الذي أصابني كيوبيد بأحد سهامه ؛ ليصيب قلبي وأقع فى حب سمية التي جعلتني أشعر بالحياة وجعلت لي أهمية ، وأعد الأيام والشهور ، كي يجمعنا عش الزوجية السعيد ، ونكون أسرة صغيرة تعيش فى سعادة ، ستكون هي دنياي ومملكتي 0وتلقيت خبر الإجازة قبل منتصف الليل بقليل ، وقمت مسرعا بتجهيز حقيبتي ، لألحق بآخر سيارة ستقلني إلى العاصمة، وبعدها أركب سيارة توصلني لقريتي 0وعدوت لألحق بهذه السيارة بعد كيلو من الكتيبة، ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن0
لقد انطلقت السيارة، ونظرت فى ساعتي فوجدتني تأخرت نصف ساعة عن موعدها 0 وتحيرت ماذا أفعل 00 ؟ 00 هل أعود للكتيبة مرة أخرى وانتظر حتى الصباح؛ لألحق بسيارة الظهيرة ، أم أبيت هنا حتى الصباح و أسير فى هذه الصحراء الشاسعة التي لا نهاية لها 0ولم أمهل نفسي حتى التفكير فى ماذا افعل 00 ؟
سرت فى الصحراء مهتديا بضوء القمر والنجوم فى السماء ، وقطعت مسافة لا أعلم مقدارها ، حتى توقفت قليلا لأستريح من عناء الطريق،و أستأنف سيرى، كي أتمكن من الوصول إلى الطريق العمومي ،وأركب سيارة تمر تقربني من أقرب محطة 0
ولكني فجأة تناهى إلى أسماعي صوت يناديني ، تلفتت حولي يمينا ويسارا ، فلم أر شيئا ، ومرة أخرى سمعت صوتا آخرا، لم ألق له بالا ، واستأنفت سيرى حتى لا أتأخر ، أو أضل فى الصحراء0
واقترب الصوت شيئا فشيئا ، حتى خيل إلى بأن هناك من يتتبعني إلى أن اقترب منى تماما
الصوت
لا تتركنا وحدنا يا سليم ، نحتاج إلى عونك 0 خذ بيدنا وفك أسرنا من سجن الصهاينة
سليم
وماذا بيدي أفعله لكم 00 لقد انتهت الحرب وأصبح بيننا وبينهم سلام
الصوت
لقد أذاقونا العذاب ، وقتلونا رميا بالرصاص ،و داسوا علينا بالدبابات ، وآخرون دفنوهم أحياء
سليم
وماذا بيدي ...؟
وظل الصوت يبتعد شيئا فشيئا ، وصرخ 00 خذ بالثأر يا سليم ، واعترتني الدهشة وظننت اننى احلم ، وسألت نفسي اى ثار يطالب به هذا الصوت، لقد أذقناهم هزيمة نكراء، ولقناهم دروسا فى فنون الحرب ؛ حتى اهتزت صورتهم ، وتحطمت أسطورة الجيش الذي لا يقهر 0
وواصلت مسيري ، لأن هذه الأصوات مجرد أوهام،كثيرا ما تتراءى لمن يسير وحده فى الصحراء0 وفجأة تناهى إلى أسماعي صوت آخريأمرني بالتوقف ، والاستماع إليه، ولم الق إليه بالا، حتى اقترب منى
الصوت
من فضلك قف ، واستمع إلينا
سليم
أكاد اجن ، انا لا أرى شيئا
الصوت
لن ترانا أبدا
سليم
ماذا تريدون منى 00.؟ أريد أن اهتدى للطريق العام قبل طلوع الصباح
الصوت
حطم أسطورة الصهاينة ، واعبر القناة ، وحطم خط بارليف ..!
سليم
لقد تحطمت الأسطورة، وعبرنا قناة السويس ، وحطمنا خط بارليف 0وسكت الصوت وابتعد تماما حتى اختفى 000!!
وساد الصمت المكان، ووقفت مكاني ،فغفوت قليلا عساى أستريح، ثم أستأنف سيرى ، لشعوري بالتعب الذي حل بى، بعد قطع مسافة كبيرة قد تكون نصف المسافة ما بين المعسكر والطريق العام 000 وسمعت أصواتا تنادى
الأصوات
الخلاص 000 الخلاص من العار 00 عار 48وعار67 000 الخلاص 00 الخلاص من الرابضين على شط القناة 00 انتقم لمحمد وعبد الله ومينا وبشاي 0
واستيقظت من نومي مفزوعا ، و صرخت 00 لا 00 لقد جننت ، لا بد من الوصول إلى الطريق العام، حتى أحافظ على مابقى لي من عقل ، ولا أقع فريسة لهذه الهواجس التي تطاردني.وحملت حقيبتي، وجريت بأقصى سرعة ، وارتطمت قدمي بإحدى الصخور، ووقعت على الأرض ولم أستطع القيام ، وتحسست قدمي ، فوجدت الدماء تنزف منها ، وفتحت الحقيبة وأخرجت منديلا ربطت به الجرح لوقف نزيف الدم ، وحاولت القيام ، فلم أتمكن ووقعت على الأرض مرة أخرى 0
وخيل لي اننى سمعت نفس الأصوات مرة أخرى 0 واقتربت منى ، ولكنها لم تكن هذه المرة أصواتا فقط ، بل أرى امامى جنودا بملابسهم العسكرية ، لا اعرف لها عددا وسمعت قائدهم يأمرهم أن يلزم كل جندي خندقه، ولا يطلق النار قبل صدور الأوامر 0 واندهشت لذلك00 هل هذه عصابة، أم جنود يستعدون لمعركة، اى معركة الآن ونحن فى سلام مع أعدائنا منذ فترة طويلة، هل هناك عدو جديد00 ؟ أم ماذا00 ؟
وناديت على القائد فلم يسمعني وظللت أصرخ، أيها القائد 00 اسمعني 00 وسمعت أصوات طلقات نارية، وقنابل فى أماكن متفرقة ، وصرخات الجنود وهم يرددون 000 الله أكبر 00 الله أكبر 00 ووجدت نفسي انا الآخر أردد معهم 00 الله أكبر 000 الله اكبر 00 وصرخ جندي بأعلى صوته
الجندي
ثأرنا للشهداء فى 48 000 و56 00و6700 الله أكبر 00 لله أكبر 00 هذا هو النصر ...!!
جندي آخر
لقد ثأرت لشقيقتي الصغرى التي قتلها الصهاينة فى بحر البقر ...!!
جندي آخر
ارقد يا اخى بسلام 00 لم يجف دمك بعد أن ضربوك فى مصنع أبى زعبل 00 لقد ثأرت لك اليوم 00 ارقد بسلام با أخى00 لقد ثأرت لك اليوم00
وانتابني إحساس بالفرحة، وانا أرى الجنود يحتفلون بالنصر، ووجدتني أنهض مسرعا رغم الألم الذي أشعر به فى قدمي؛ حتى قمت وواصلت مسيري ، متذكرا تلك الأيام الجميلة التي اجتمعنا فيها على كلمة واحدة نرددها وهى 00 الله اكبر 00 الله أكبر 00 وعبرنا بها قناة السويس، وحطمنا خط بارليف 0 وحققنا النصر للشعب الذي انتظره ست سنوات ، عانى فيها مرارة الهزيمةوالالم الذي اعتصره؛ حتى جاء هؤلاء البواسل وأعادوا البسمة والفرحة لهذا الشعب 0
وسرت مسافة لا بأس بها؛ حتى وصلت للطريق العمومي ، وكانت تباشير الصباح تنذر بقدومها ، ووضعت حقيبتي على الأرض وجلست فوقها منتظرا سيارة تقلني لأقرب محطة؛ مودعا تلك الرحلة التي عبرتها فى هذه الصحراء الشاسعة والخيالات والأطياف التي كانت لذيذة تذكرني بأيام رفعنا فيها الرأس شامخة ، وقدمنا فيها أغلى هدية للعظيمة مصر

جزاك الله كل خير وسلام
موضوع جميل
جداجدا

فعلا بيحصلاكتر من كده وخاصه فى صحراء سيناء ان كان جنوب سيناء ولا شمال سيتاء لانى كنت فى اقصى جنوب سيناء وكان الصف والقاده بيحكو لنا جزاك الله خيراااااااااااا