شروط التوبة

قال تعالى : } و أن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه { ( هود الآية 3 ) تجد أن التوبة أمر زائد على الاستغفار .



لقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات و الأحاديث وهي :

Å لإقلاع عن الذنب فوراً .

Å الندم على ما فات .

Å العزم على عدم العودة .

Å إرجاع حقوق من ظلمهم أو طلب البراءة منهم .







Dالأول : أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر كعدم القدرة عليه أو على معاودته أو خوف كلام الناس مثلاً .



فلا يسمى تائباً من ترك الذنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس أو ربما طرد من وظيفته .

ولا يسمى تائباً من ترك الذنوب لحفظ صحته وقوته كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية أو أنها تضعف جسمه وذاكرته.

ولا يسمى تائباً من ترك السرقة لأنه لم يجد منفذاً للبيت أو لم يستطع فتح الخزينة أو خشي الحارس والشرطي

ولا يسمى تائباً من ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً .

ولا يسمى تائباً من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه .

وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق أو الزاي إذا فقد القدرة على الوقاع أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه .



بل لا بد لمثل هذا من الندم و الإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول r ( الندم توبة ) .



و الله نزل العاجز المتمني بالقول منزلة الفاعل ألا تراه r قال ( إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل

المنازل وعبد رزقه الله علماً ولم يرزقه مالاً فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء . وعبد رزقه الله مالاً ولم يرزقه علماً يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل ففيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً فهذا بأخبث المنازل . وعبد لم يرزقه الله مالاً ولا علماً فهو يقول : لو أن لي مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء )

رواه أحمد والترمذي وصححه ( صحيح الترغيب والترهيب 1 / 9 )





Dالثاني : أن يستشعر قبح الذنب وضرره

وهذا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية أو أن يتمنى العودة لذلك في المستقبل.

وقد ساق ابن القيم ( رحمه الله ) في كتابه الداء والدواء والفوائد أضراراً كثيرة للذنوب منها :

حرمان العلم – والوحشة في القلب – وتعسير الأمور – ووهن البدن – وحرمان الطاعة – ومحق البركة – وقلة التوفيق – وضيق الصدر – وتولد السيئات – واعتياد الذنوب -

وهوان المذنب على الله – وهوانه على الناس – ولعنة البهائم له – ولباس الذل – والطبع على القلب والدخول تحت اللعنة – ومنع إجابة الدعاء – والفساد في البر والبحر وانعدام الغيرة –

وذهاب الحياء – وزوال النعم – ونزول النقم- والرعب في قلب العاصي – والوقوع في أسر الشيطان – وسوء الخاتمة – وعذاب الآخرة .





وهذه المعرفة من العبد لأضرار الذنوب تجعله يبتعد عن الذنوب بالكلية .

Dالثالث : أن يبادر العبد إلى التوبة ولذلك فإن تأخير التوبة في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة .

Dالرابع : أن يخشى على توبته من النقص ولا يجزم بأنها قد قبلت فيركن إلى نفسه ويأمن مكر الله .

Dالخامس : استدراك ما فات من حق الله إن كان ممكناً كإخراج الزكاة التي منعها في الماضي .

Dالسادس : أن يفارق موضع المعصية إذا كان وجوده فيه قد يوقعه في المعصية مرة أخرى .

Dالسابع : أن يفارق من أعانه على المعصية .... والله يقول : ) الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين [ ( الزخرف الآية 67 ) .

Dالثامن : إتلاف المحرمات الموجودة عنده مثل المسكرات و أو الصور و الأفلام المحرمة والقصص الماجنة .

Dالتاسع : أن يختار من الرفقاء الصالحين من يعينه على نفسه ويكون بديلاً عن رفقاء السوء و أن يحرص على حِلَق الذكر ومجالس العلم ويملأ وقته بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديه فراغاً ليذكره بالماضي .

Dالعاشر : أن يعهد إلى البدن الذي رباه بالسحت فيصرف طاقته في طاعة الله عز وجل ويتحرى الحلال حتى ينبت له لحم طيب .

Dالحادي عشر : أن تكون التوبة قبل الغرغرة وقبل طلوع الشمس من مغربها .

والغرغرة الصوت الذي يخرج من الحلق عند سحب الروح والمقصود أن تكون التوبة قبل القيامة الصغرى والكبرى لقوله r :



( من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه ) رواه أحمد والترمذي – صحيح الجامع 6132

وقوله r : ( من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ) رواه مسلم