د. عبدالرحيم شحاتة وزير التنمية المحلية السابق
صفحة 1 من اصل 1
د. عبدالرحيم شحاتة وزير التنمية المحلية السابق
رفضت التعدى على الأراضى الزراعية فخرجت من الوزارة.. ومنعت تراخيص البناء عليها فوقف ضدى قيادى فى «الوطنى»
تصدرت مصر أعلى المراتب فى استيراد القمح من الخارج بعد أن كانت المصدّر الأول له فى العالم.. وأصبح أهل مصر يضجون من أسعار خضارها وفومها وعدسها.. بعد أن باتت لا تخرج من بطنها ما يسد جوع أهلها.. والسبب كما ذكره الدكتور عبدالرحيم شحاتة، وزير التنمية المحلية السابق، هو إهمال الأرض الزراعية، ورفع الدعم عن الفلاح المصرى وظهور نوعية جديدة من المستثمرين فى الاقتصاد المصرى وهم «المستوردون»، الذين لم يعد من مصلحتهم الزراعة، حتى اختفى القطن المصرى، وندر القمح، وباتت أزمة الزيوت تلوح فى الأفق، وتم تبوير الأراضى الزراعية للبناء عليها.. ولعلها المرة الأولى، التى يكشف فيها الدكتور عبدالرحيم شحاتة سر خروجه من الوزارة سريعاً، ويتحدث عن سبب استجلابه الشركات الأجنبية لرفع القمامة المصرية فى الجزء الثانى من هذا الحوار.. وإلى نص الحوار.
■ كيف ترى الاكتفاء الذاتى من القمح، فى ظل آراء متباينة بين من يرى إمكانية تحقيق ذلك لو توافرت الإرادة السياسية ولم نمتثل لضغوط خارجية، وآخرين يرون استحالة تنفيذ ذلك لقلة الموارد المائية؟
- إذا أردنا أن نحقق الاكتفاء الذاتى من القمح فنحن بحاجة إلى زراعة ٣.٥ مليون فدان، وهذا سيأتى على حساب المساحات المخصصة للمحاصيل الأخرى التى تقوم عليها تربية الثروة الحيوانية، ولكن يمكننا تحقيق ما يسمى »الأمن الغذائى« من القمح أى أن ننتج ما يقرب من ٧٠ إلى ٨٠% من احتياجاتنا من القمح ونستورد من ٢٠ إلى ٣٠% من الخارج، بدلا من أن نستورد معظم استهلاكنا، وحتى لا نكون تحت ضغط دائم إذا ما حدثت أى أزمة عالمية مثل أزمة روسيا الأخيرة، وهذا ممكن وليس فيه استحالة.
■ لماذا اختفى من وجهة نظرك القطن المصرى؟
- كنا نزرع أيام الدكتور محمود داوود، وزير الزراعة الأسبق، ٢ مليون فدان من القطن، وكانت إنتاجية الفدان تصل إلى ٨ قناطير، والتسويق كان عالمياً، ولم تكن أهمية القطن تكمن فقط فى إنتاج أجود الأنواع »طويل التيلة« وتصديره للخارج وجلب العملة الصعبة، وإنما تكمن أهميته أيضا فى بذرة القطن التى كانت مصدر النسبة الأعظم من الزيوت التى يستهلكها المصريون، اليوم فجوة الزيوت خطيرة جداً وأخطر من فجوة القمح، فنحن نستورد زيوتاً بمعدل ٩٠ إلى ٩٥% من احتياجاتنا، الزيوت تستورد من الخارج والبذور الزيتية تستورد من الخارج وتعصر هنا لإعطاء إيحاء بأنها إنتاج محلى، وهذا غير صحيح، ويوما بعد الآخر تتسع فجوة الزيوت، فالقطن كان مصدراً للاكتفاء الذاتى من الزيوت بنسبة ٧٠%، كما أن العمالة التى كانت مرتبطة بالقطن مثل مصانع وعمال المحلة لديها مشكلات عديدة، وهذا تماما ما كان يريده الغرب.
■ تقصد أنها سياسة خارجية؟
- نعم، فالرئيس الأمريكى أيزنهاور كان غاضباً من رفض الرئيس الراحل جمال عبدالناصر »حلف بغداد«، لذلك أرسل تهديداً إليه بأنه إذا لم ينضم إلى حلف بغداد »هيخرب له القطن المصرى بتاعه« لأنه كان نقطة قوة فى مصر.
■ ولماذا تركنا اقتصادنا لعبة فى يد الغرب ونفذنا الشروط ورضخنا للضغوط؟
- لأن إرادتنا فى تقوية مراكزنا الاقتصادية محدودة، ولا نريد اتخاذ موقف كما أننا فى حالة ضعف، ساعات »نزرجن« ونرفض لكن فى النهاية نمتثل.
■ وهل تنتفى مسؤوليتنا نحن تجاه تخريب محصول القطن؟
- لا، فنحن دون وعى نفذنا المخطط الأجنبى بإهمالنا لهذا المحصول وللفلاحين، بل بكيفية التعامل مع جودة هذا المحصول الذى يعد ميزة نسبية لدى مصر، ففى الوقت الذى كانت فيه الصين تصنع منه حريراً كنا نصنع نحن منه »فوط وكستور عايدة«.
■ ولماذا أغفلنا التصنيع الزراعى فى مصر؟
- لأن الاقتصاد المصرى دخلته نوعية جديدة من المستثمرين وهى نوعية »المستوردين« القائمة على سياسة الاستيراد وليس الإنتاج، وأذكر أنه أثناء وجودى فى الفيوم أنشأت مصنعا لزيت عباد الشمس وزرعنا ٤٢ ألف فدان و»كان مصنع عَظَمة«، وظلت المساحة المزروعة تتناقص وتتناقص حتى وصلت إلى صفر، فأغلق المصنع أبوابه، ويجب ألا ننسى أن أول مصانع أنشأها بنك مصر، وطلعت حرب، كانت فى صناعة الغزل والنسيج، للأسف نحن انسحبنا من مجالات كثيرة كانت لنا فيها ميزة نسبية كما قلت، فى حين نجد أن دخل إسرائيل من التصنيع الزراعى ضخم جدا، لأنها تضيف قيمة مضافة لمنتجها الزراعى بتصنيعه وتغليفه، وبالتالى توظيف للناس وتحسين للاقتصاد.
■ إلى أين وصلت البحوث الزراعية فى مصر؟
- البحوث الزراعية فى حاجة إلى الدعم والاستكمال، وكل مليم ينفق على البحوث الزراعية يأتى بعائد أكبر ١٠ مرات، فقد زادت إنتاجية كل من محاصيل القمح، والذرة الشامية، والأرز فى الـ٣٠ عاماً الماضية، فبعد الحملة القومية التى أعلناها للنهوض بزراعة الذرة الشامية كأول حملة قومية من نوعها زاد متوسط إنتاجية الفدان من ٨ أرادب إلى ٢٤ إردباً، وزاد محصول القمح من ٦ أرادب إلى ١٨ إردباً للفدان، ومحصول الأرز من ٢ طن إلى ٤ أطنان للفدان، وهذا مقياس للنجاح والعائد من البحوث الزراعية.
■ بعد تجربتك كمحافظ للعاصمة.. أنت متهم مع آخرين بالتسبب فيما تعانيه القاهرة حالياً من مشكلات؟
- القاهرة كانت فى عهدى أفضل بكثير، وعن نفسى أنا بدأت العديد من المشروعات الجيدة لكن من أتوا بعدى أوقفوها ولم يستكملوها وأنا أول من أنشأ مصنعاً لتدوير القمامة، ومحافظة القاهرة هى التى ساهمت بالجزء الأكبر من ميزانية إنشاء كوبرى أكتوبر، الذى لولاه لاختنقت القاهرة تماماً، والاستثمار فى عهدى فى القاهرة وصل إلى حوالى ٦ مليارات جنيه.
■ ما رؤيتك للتخطيط العمرانى فى القاهرة؟
- أول مشكلة تواجه القاهرة، من وجهة نظرى، هى هدم الفيلات، لأنها جريمة كبرى، فالتخطيط العمرانى عندما وضع اشتراطات المبانى جعل المرافق محدودة السعة، تكفى فيلا وليس عمارة ١٢ دوراً، كل دور به شقتان وثلاث وأربع، فلا نستطيع أن نبنى برجاً ١٢ دوراً، عوضاً عن فيلا دورين، لأن هذا أوجد عبئاً كبيراً على المرافق والخدمات.
■ كيف ترى أزمة المرور التى تتفاقم كل ساعة؟
- سعة شوارع القاهرة لا تستوعب أكثر من نصف مليون سيارة، فى حين أن السيارات الموجودة بالفعل عددها ٢ مليون ونصف المليون سيارة، بخلاف الأتوبيسات وسيارات النقل العام، والنتيجة أن الشارع الذى به ٤ حارات سُدت بالكامل بمواقف السيارات، وقد اقترحت عدم الترخيص لأى سيارة، إلا لأغراض الإحلال والتبديل، وفى المقابل تحسين خدمة النقل العام على أن يكون الحل الرئيسى هو الجراجات تحت الأرض، وقد تعاقدنا بالفعل على ١١ جراجاً عاماً تحت الأرض كمرحلة أولى، لكن لم يستكمل المشروع.
■ لماذا؟
- كأى شىء فى البلد يتوقف فجأة وبلا سبب، هناك كارثة فى مدينة نصر مثلاً، كل الجراجات تحت العمارات تحولت إلى بوتيكات ومخازن ومحال.
■ ماذا عن العشوائيات فى القاهرة والجيزة.. ولماذا استعصت على الحل؟
- أثناء وجودى كمحافظ للقاهرة تعاقدنا مع عدد من المكاتب الاستشارية، للتخطيط لكيفية حل أزمة العشوائيات، بعد استصدار قرار من رئيس الوزراء كمال الجنزورى، بالتعاون مع هيئة التخطيط العمرانى، وبدأنا التنفيذ بما يسمى إعادة تخطيط العشوائيات بالمواءمة، أى بأقل قدر ممكن من الإزالات، نوسع بعض الشوارع لدمحترم المطافئ والإسعاف، وندخل المرافق وغيرها، لتحسين الأوضاع فى العشوائيات، وقد نفذ نظام المواءمة فى أكثر من منطقة عشوائية مثل المعصرة وعزبة بخيت فى منشية ناصر.
■ كم دفعت الحكومة للمكاتب الاستشارية؟
- حوالى ٥ ملايين جنيه، ومع ذلك توقف المشروع.
■ لماذا كانت مساكن حدائق زينهم الحالة الوحيدة التى أزيلت بالكامل ثم أعيد بناؤها؟
- حدائق زينهم لها قصة معى، فأنا كنت أهوى المرور ليلاً دون معاونين ولا سيارات، وفى إحدى المرات كنت أمر فى حدائق زينهم فوجدت بيوتاً من الصفيح والقش والكرتون، ورأيت فتاة صغيرة تستحم فى «طشت» بمعاونة والدتها وعندما رأيت ذلك وأنا أسير فى الشارع قلت «يا نهار اسود»، ولم أستطع النوم طيلة الليل بسبب هذا المشهد، وسهرت أفكر ماذا سنفعل لهؤلاء الناس، وأذكر أن السيدة سوزان مبارك كانت آتية لافتتاح فرع الهلال الأحمر فى زينهم، وهو مبنى فخم وبالرخام «حاجة كدة آخر ألاجة»، والأمن كعادته فى كل زيارة وضع ستائر حول الشبابيك والمنافذ حتى لا ترى السيدة سوزان مبارك المنطقة العشوائية التى يطل عليها المبنى، فأزحت الستائر فجأة، وسألتنى: ما هذا؟ فقلت لها «زينهم»، ونريد أن نطور هذه المنطقة تحت رعايتك، فوافقت، وبدأنا على الفور، ونقلنا جميع السكان وأزلنا المنطقة بالكامل، بميزانية المحافظة وبالتعاون مع عدد من رجال الأعمال، مثل محمد منصور وإبراهيم كامل، والبنك الأهلى، وأثبتت تجربة الإزالة الكاملة أنها الأنجح، لكن مشكلتها تكمن فى تكلفتها العالية.
■ بماذا تفسر ازدهار محافظات مثل الإسكندرية والأقصر، فى حين أن محافظات أخرى تسوء بسرعة كالقاهرة والجيزة.. هل يعكس ذلك فروقاً فردية بين المحافظين؟
- الجهود الشخصية للمحافظ مهمة، فهناك محافظ يريد عمل شىء وآخر لا يريد، ولا تنسى وعى الرأى العام فى المحافظ، ومدى استعداده للمساعدة والحفاظ على ما أنجز.
■ لننتقل إلى ملف نظافة العاصمة، أنت متهم باستجلاب الشركات الأجنبية لرفع القمامة المصرية وما تبعه من أزمات حيث حصلت هذه الشركات على مبالغ ضخمة فى حين تحولت أكوام القمامة إلى تلال؟
- عملية النظافة ورفع القمامة كانت تدار عن طريق هيئة نظافة وتجميل القاهرة، وكنا نريد استجلاب تكنولوجيا جديدة للتعامل مع القمامة، بما فيها التدوير وإعادة التصنيع، فأعلنا عن ذلك بين الشركات المصرية والأجنبية، ولأنه لم تكن هناك شركات مصرية متخصصة فى هذا المجال، أرسلنا الإعلان إلى سفاراتنا فى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا، وعن طريق المناقصات حصلت على العملية شركة إيطالية وأخرى إسبانية، وأنشأنا وحدة لمراقبة شروط العقد، وتم تعيين ٢٥٠ شاباً من حديثى التخرج، وتم تدريبهم على مراقبة شروط العقد، وأثناء وجودى كمحافظ لم تحدث أى مشكلة مع هذه الشركات.
■ هل تعتقد أن إزالة القمامة بحاجة لشركات أجنبية؟
- لم نقل فى الإعلان إننا نريد شركات أجنبية، إنما شركات قطاع خاص، ولم نشترط أن تكون أجنبية.
■ لكنك أعلنت عنها فى سفاراتنا بالخارج؟
- على العموم هى شركات أسست تحت القانون المصرى، وهذه الجهات الأجنبية دخلت كمساهمة مع أخرى مصرية، ثم إن شركة النظافة التى تعمل فى لندن هى شركة فرنسية، تلك التى كانت تعمل فى الإسكندرية، فلا عيب ولا غضاضة فى كونها أجنبية.
■ ما سبب مشكلة تفاقم أزمة القمامة بعد ذلك؟
- حتى تستطيعى مطالبة الشركات بالالتزام ببنود العقد، على الحكومة أولاً أن تلتزم بدفع المستحقات المالية لهذه الشركات لأن لديها عمالة، إضافة إلى أن جامعى القمامة القدامى كانوا متضررين من الوضع فسحبوا عمالهم، الذين لدى الشركات الأجنبية فتسببوا فى أزمة.
■ هذا يعنى أن الشركات الأجنبية اعتمدت على «الزبالين» المصريين أنفسهم؟
- نعم فالزبالون المصريون لديهم نقابة واتحاد خاص بهم فى منشية ناصر، وهم قرروا سحب عمالهم ولم يكتفوا بذلك، بل بدأوا يخربون فى الشوارع بفرز القمامة فى الشارع، وغير ذلك من عمليات التخريب، وجاءت أزمة ذبح الخنازير لتزيد من تفاقم الأزمة، حيث إن الخنازير عنصر مهم جداً فى دورة التخلص من القمامة، وبذبح الخنازير زادت القمامة فى الشوارع، واتهموا الشركات الأجنبية بأنها السبب، وهذا غير صحيح، ولابد أن نعترف بأن الوضع الحالى أفضل كثيراً مما سبق، فالقاهرة والجيزة كانتا أسوأ قبل دمحترم الشركات الأجنبية، فقد وفرت حوالى ٣٠٠٠ عامل نظافة فى القاهرة، بعد أن كان العدد السابق الذى كانت تعتمد عليه هيئة نظافة وتجميل القاهرة ٢٥٠٠ عامل فقط.
■ هذا يعنى أننا أعطينا أموالاً ضخمة لشركات أجنبية اعتمدت على العمالة المصرية، وحتى العدد الذى تعتبره ميزة لا أجد فى الفرق العددى ما يجعلها ميزة تستحق دفع كل هذه الأموال؟
- كونها شركات أجنبية لم يكن هو العامل المحدد، ولا حتى عدد العمال، إنما الخبرة واستجلاب التكنولوجيا والمعدات الحديثة.
■ أى تكنولوجيا.. لا نرى سوى بائسين يرتدون ملابس عمال النظافة، و«مقشات بلح» ولا نرى تكنولوجيا تصول وتجول فى الشوارع؟
- كل هذا خطأ، ولم نكن نعلم أن الأمر سيصل إلى هذا الوضع، والتطبيق هو المشكلة.
■ قيل إن الشركات حصلت على مليارات الجنيهات؟
- لا ليس إلى هذا الحد، الأمر كان محسوباً بعدد الأحياء وعدد الشوارع فى كل حى، والأدوات المستخدمة..إلخ.
■ كل الدراسات تقول القمامة المصرية من أغنى أنواع القمامة، بمعنى أنه كان يفترض أن تدفع الشركة للحكومة أموالاً مقابل هذه القمامة، وأضعف الإيمان أن ترفعها دون مقابل؟
- هى قمامة غنية لو تم تدويرها.. لكن المسألة مجهدة وصعبة، وليست كما تتصورين، ومشكلتها الحقيقية تكمن فى سلوكيات الناس الذين يرمون القمامة من البلكونات أو تتركها فى عرض الطريق.
■ هل يمكن أن نلقى باللوم على الزيادة السكانية فى أغلب المشكلات التى تواجهنا؟
- لا.. فهناك دول كثيرة لديها زيادة فى السكان، ومع ذلك وظفت الثروة السكانية فى خدمة التنمية، مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وإيران.
■ ولكن هناك ما يسمى التحفيز الإيجابى للحد من الزيادة السكانية، فما التحفيز الذى قدمته الحكومة المصرية للناس؟
- لا يوجد.. ولا تصدقى إطلاقاً أن الفقراء سيقللون النسل دون أن يكونوا متعلمين ومستواهم الاقتصادى معقول، فزيادة الوعى والتعليم ومستوى الدخل مدخل لتنظيم الأسرة، قبل ذلك لا تنتظرى تنظيما للأسرة. ومصر إمكانياتها جيدة، والدليل الملايين التى تخصص للعلاج على نفقة الدولة، لكنها لا تذهب إلى مستحقيها.
■ ماذا عن الجملة التى يرددها دائماً وزير المالية يوسف بطرس غالى «أجيب منين»؟
- الإمكانيات متوافرة، لكن على الدولة أن ترتب أولوياتها، فيجب أن يأتى الوضع الاجتماعى والتعليم والصحة فى الصدارة.
■ إذن الإمكانيات موجودة، لكنه الفساد الإدارى؟
- لنقل إنه العجز الإدارى.
■ لنترك الشأن العام قليلاً، ودعنى أسألك سؤلاً خاصاً.. مكثت أقل من عام ونصف العام فقط فى وزارة التنمية المحلية، فما سبب خروجك من الوزارة؟
- لو كنت أعلم سأخبرك!
■ بعد كل هذه المدة كمحافظ، ألم تكن لديك الخبرة الكافية لإدارة وزارة التنمية المحلية، لتخرج منها سريعا أم أنك أغضبت الرئيس؟
- إطلاقاً فعلاقتى بالرئيس ممتازة، الحمد لله أنا راضٍ عن أدائى لمهمتى.
■ لكن عاماً ونصف العام ليس بالتكريم اللائق بعد خدمة طويلة كمحافظ؟
- أجاب بعد تردد شديد: موضوع البناء على الأرض الزراعية هو سبب خروجى من الوزارة، فقد كنت على طول الخط رافضاً لهذا التصرف، وأرى أن التوسع فى الحيازة العمرانية على حساب الأراضى الزراعية خطر كبير يواجه مصر.. وكان هذا موقفى منذ أن كنت محافظا، وأثيرت الأزمة وصعدت إلى مستويات أكبر، وعقدت لجان عدة، وفى كل مرة أقول نفس الرأى.. وعلى ما يبدو أن إصرارى على عدم منح تراخيص للبناء على الأراضى كان أحد أسباب خروجى من الوزارة.
■ ما وجهة نظر الطرف الآخر فى السماح بالبناء على الأراضى الزراعية ورفضهم لموقفك؟
- كان يبرر منطقه باحتياجات الناس للإسكان فى الريف، ورددت عليهم باقتراح يحل المشكلة، وهو الظهير الصحراوى والمجتمعات العمرانية الجديدة، وقال لى أحد الشخصيات فى الحزب الوطنى صراحة «لا تمنع البناء على الأراضى الزراعية.. إحنا داخلين على انتخابات».
■ تقصد أنهم أرادوا الاستمرار فى البناء على الأراضى الزراعية لكسب مزيد من التأييد فى الانتخابات؟
- «حاجة زى كده».
■ من هى هذه الشخصية الحزبية؟
- لن أذكر أسماء.
■ هل الصدام كان مع أحد الوزراء؟
- الوزراء غلابة.
■ مع أحد أعمدة النظام؟
- تقريباً.
■ ما علاقتك بـ«صفوت الشريف»؟
- طبيعية.
■ وأحمد عز؟
- علاقة سيئة.
تصدرت مصر أعلى المراتب فى استيراد القمح من الخارج بعد أن كانت المصدّر الأول له فى العالم.. وأصبح أهل مصر يضجون من أسعار خضارها وفومها وعدسها.. بعد أن باتت لا تخرج من بطنها ما يسد جوع أهلها.. والسبب كما ذكره الدكتور عبدالرحيم شحاتة، وزير التنمية المحلية السابق، هو إهمال الأرض الزراعية، ورفع الدعم عن الفلاح المصرى وظهور نوعية جديدة من المستثمرين فى الاقتصاد المصرى وهم «المستوردون»، الذين لم يعد من مصلحتهم الزراعة، حتى اختفى القطن المصرى، وندر القمح، وباتت أزمة الزيوت تلوح فى الأفق، وتم تبوير الأراضى الزراعية للبناء عليها.. ولعلها المرة الأولى، التى يكشف فيها الدكتور عبدالرحيم شحاتة سر خروجه من الوزارة سريعاً، ويتحدث عن سبب استجلابه الشركات الأجنبية لرفع القمامة المصرية فى الجزء الثانى من هذا الحوار.. وإلى نص الحوار.
■ كيف ترى الاكتفاء الذاتى من القمح، فى ظل آراء متباينة بين من يرى إمكانية تحقيق ذلك لو توافرت الإرادة السياسية ولم نمتثل لضغوط خارجية، وآخرين يرون استحالة تنفيذ ذلك لقلة الموارد المائية؟
- إذا أردنا أن نحقق الاكتفاء الذاتى من القمح فنحن بحاجة إلى زراعة ٣.٥ مليون فدان، وهذا سيأتى على حساب المساحات المخصصة للمحاصيل الأخرى التى تقوم عليها تربية الثروة الحيوانية، ولكن يمكننا تحقيق ما يسمى »الأمن الغذائى« من القمح أى أن ننتج ما يقرب من ٧٠ إلى ٨٠% من احتياجاتنا من القمح ونستورد من ٢٠ إلى ٣٠% من الخارج، بدلا من أن نستورد معظم استهلاكنا، وحتى لا نكون تحت ضغط دائم إذا ما حدثت أى أزمة عالمية مثل أزمة روسيا الأخيرة، وهذا ممكن وليس فيه استحالة.
■ لماذا اختفى من وجهة نظرك القطن المصرى؟
- كنا نزرع أيام الدكتور محمود داوود، وزير الزراعة الأسبق، ٢ مليون فدان من القطن، وكانت إنتاجية الفدان تصل إلى ٨ قناطير، والتسويق كان عالمياً، ولم تكن أهمية القطن تكمن فقط فى إنتاج أجود الأنواع »طويل التيلة« وتصديره للخارج وجلب العملة الصعبة، وإنما تكمن أهميته أيضا فى بذرة القطن التى كانت مصدر النسبة الأعظم من الزيوت التى يستهلكها المصريون، اليوم فجوة الزيوت خطيرة جداً وأخطر من فجوة القمح، فنحن نستورد زيوتاً بمعدل ٩٠ إلى ٩٥% من احتياجاتنا، الزيوت تستورد من الخارج والبذور الزيتية تستورد من الخارج وتعصر هنا لإعطاء إيحاء بأنها إنتاج محلى، وهذا غير صحيح، ويوما بعد الآخر تتسع فجوة الزيوت، فالقطن كان مصدراً للاكتفاء الذاتى من الزيوت بنسبة ٧٠%، كما أن العمالة التى كانت مرتبطة بالقطن مثل مصانع وعمال المحلة لديها مشكلات عديدة، وهذا تماما ما كان يريده الغرب.
■ تقصد أنها سياسة خارجية؟
- نعم، فالرئيس الأمريكى أيزنهاور كان غاضباً من رفض الرئيس الراحل جمال عبدالناصر »حلف بغداد«، لذلك أرسل تهديداً إليه بأنه إذا لم ينضم إلى حلف بغداد »هيخرب له القطن المصرى بتاعه« لأنه كان نقطة قوة فى مصر.
■ ولماذا تركنا اقتصادنا لعبة فى يد الغرب ونفذنا الشروط ورضخنا للضغوط؟
- لأن إرادتنا فى تقوية مراكزنا الاقتصادية محدودة، ولا نريد اتخاذ موقف كما أننا فى حالة ضعف، ساعات »نزرجن« ونرفض لكن فى النهاية نمتثل.
■ وهل تنتفى مسؤوليتنا نحن تجاه تخريب محصول القطن؟
- لا، فنحن دون وعى نفذنا المخطط الأجنبى بإهمالنا لهذا المحصول وللفلاحين، بل بكيفية التعامل مع جودة هذا المحصول الذى يعد ميزة نسبية لدى مصر، ففى الوقت الذى كانت فيه الصين تصنع منه حريراً كنا نصنع نحن منه »فوط وكستور عايدة«.
■ ولماذا أغفلنا التصنيع الزراعى فى مصر؟
- لأن الاقتصاد المصرى دخلته نوعية جديدة من المستثمرين وهى نوعية »المستوردين« القائمة على سياسة الاستيراد وليس الإنتاج، وأذكر أنه أثناء وجودى فى الفيوم أنشأت مصنعا لزيت عباد الشمس وزرعنا ٤٢ ألف فدان و»كان مصنع عَظَمة«، وظلت المساحة المزروعة تتناقص وتتناقص حتى وصلت إلى صفر، فأغلق المصنع أبوابه، ويجب ألا ننسى أن أول مصانع أنشأها بنك مصر، وطلعت حرب، كانت فى صناعة الغزل والنسيج، للأسف نحن انسحبنا من مجالات كثيرة كانت لنا فيها ميزة نسبية كما قلت، فى حين نجد أن دخل إسرائيل من التصنيع الزراعى ضخم جدا، لأنها تضيف قيمة مضافة لمنتجها الزراعى بتصنيعه وتغليفه، وبالتالى توظيف للناس وتحسين للاقتصاد.
■ إلى أين وصلت البحوث الزراعية فى مصر؟
- البحوث الزراعية فى حاجة إلى الدعم والاستكمال، وكل مليم ينفق على البحوث الزراعية يأتى بعائد أكبر ١٠ مرات، فقد زادت إنتاجية كل من محاصيل القمح، والذرة الشامية، والأرز فى الـ٣٠ عاماً الماضية، فبعد الحملة القومية التى أعلناها للنهوض بزراعة الذرة الشامية كأول حملة قومية من نوعها زاد متوسط إنتاجية الفدان من ٨ أرادب إلى ٢٤ إردباً، وزاد محصول القمح من ٦ أرادب إلى ١٨ إردباً للفدان، ومحصول الأرز من ٢ طن إلى ٤ أطنان للفدان، وهذا مقياس للنجاح والعائد من البحوث الزراعية.
■ بعد تجربتك كمحافظ للعاصمة.. أنت متهم مع آخرين بالتسبب فيما تعانيه القاهرة حالياً من مشكلات؟
- القاهرة كانت فى عهدى أفضل بكثير، وعن نفسى أنا بدأت العديد من المشروعات الجيدة لكن من أتوا بعدى أوقفوها ولم يستكملوها وأنا أول من أنشأ مصنعاً لتدوير القمامة، ومحافظة القاهرة هى التى ساهمت بالجزء الأكبر من ميزانية إنشاء كوبرى أكتوبر، الذى لولاه لاختنقت القاهرة تماماً، والاستثمار فى عهدى فى القاهرة وصل إلى حوالى ٦ مليارات جنيه.
■ ما رؤيتك للتخطيط العمرانى فى القاهرة؟
- أول مشكلة تواجه القاهرة، من وجهة نظرى، هى هدم الفيلات، لأنها جريمة كبرى، فالتخطيط العمرانى عندما وضع اشتراطات المبانى جعل المرافق محدودة السعة، تكفى فيلا وليس عمارة ١٢ دوراً، كل دور به شقتان وثلاث وأربع، فلا نستطيع أن نبنى برجاً ١٢ دوراً، عوضاً عن فيلا دورين، لأن هذا أوجد عبئاً كبيراً على المرافق والخدمات.
■ كيف ترى أزمة المرور التى تتفاقم كل ساعة؟
- سعة شوارع القاهرة لا تستوعب أكثر من نصف مليون سيارة، فى حين أن السيارات الموجودة بالفعل عددها ٢ مليون ونصف المليون سيارة، بخلاف الأتوبيسات وسيارات النقل العام، والنتيجة أن الشارع الذى به ٤ حارات سُدت بالكامل بمواقف السيارات، وقد اقترحت عدم الترخيص لأى سيارة، إلا لأغراض الإحلال والتبديل، وفى المقابل تحسين خدمة النقل العام على أن يكون الحل الرئيسى هو الجراجات تحت الأرض، وقد تعاقدنا بالفعل على ١١ جراجاً عاماً تحت الأرض كمرحلة أولى، لكن لم يستكمل المشروع.
■ لماذا؟
- كأى شىء فى البلد يتوقف فجأة وبلا سبب، هناك كارثة فى مدينة نصر مثلاً، كل الجراجات تحت العمارات تحولت إلى بوتيكات ومخازن ومحال.
■ ماذا عن العشوائيات فى القاهرة والجيزة.. ولماذا استعصت على الحل؟
- أثناء وجودى كمحافظ للقاهرة تعاقدنا مع عدد من المكاتب الاستشارية، للتخطيط لكيفية حل أزمة العشوائيات، بعد استصدار قرار من رئيس الوزراء كمال الجنزورى، بالتعاون مع هيئة التخطيط العمرانى، وبدأنا التنفيذ بما يسمى إعادة تخطيط العشوائيات بالمواءمة، أى بأقل قدر ممكن من الإزالات، نوسع بعض الشوارع لدمحترم المطافئ والإسعاف، وندخل المرافق وغيرها، لتحسين الأوضاع فى العشوائيات، وقد نفذ نظام المواءمة فى أكثر من منطقة عشوائية مثل المعصرة وعزبة بخيت فى منشية ناصر.
■ كم دفعت الحكومة للمكاتب الاستشارية؟
- حوالى ٥ ملايين جنيه، ومع ذلك توقف المشروع.
■ لماذا كانت مساكن حدائق زينهم الحالة الوحيدة التى أزيلت بالكامل ثم أعيد بناؤها؟
- حدائق زينهم لها قصة معى، فأنا كنت أهوى المرور ليلاً دون معاونين ولا سيارات، وفى إحدى المرات كنت أمر فى حدائق زينهم فوجدت بيوتاً من الصفيح والقش والكرتون، ورأيت فتاة صغيرة تستحم فى «طشت» بمعاونة والدتها وعندما رأيت ذلك وأنا أسير فى الشارع قلت «يا نهار اسود»، ولم أستطع النوم طيلة الليل بسبب هذا المشهد، وسهرت أفكر ماذا سنفعل لهؤلاء الناس، وأذكر أن السيدة سوزان مبارك كانت آتية لافتتاح فرع الهلال الأحمر فى زينهم، وهو مبنى فخم وبالرخام «حاجة كدة آخر ألاجة»، والأمن كعادته فى كل زيارة وضع ستائر حول الشبابيك والمنافذ حتى لا ترى السيدة سوزان مبارك المنطقة العشوائية التى يطل عليها المبنى، فأزحت الستائر فجأة، وسألتنى: ما هذا؟ فقلت لها «زينهم»، ونريد أن نطور هذه المنطقة تحت رعايتك، فوافقت، وبدأنا على الفور، ونقلنا جميع السكان وأزلنا المنطقة بالكامل، بميزانية المحافظة وبالتعاون مع عدد من رجال الأعمال، مثل محمد منصور وإبراهيم كامل، والبنك الأهلى، وأثبتت تجربة الإزالة الكاملة أنها الأنجح، لكن مشكلتها تكمن فى تكلفتها العالية.
■ بماذا تفسر ازدهار محافظات مثل الإسكندرية والأقصر، فى حين أن محافظات أخرى تسوء بسرعة كالقاهرة والجيزة.. هل يعكس ذلك فروقاً فردية بين المحافظين؟
- الجهود الشخصية للمحافظ مهمة، فهناك محافظ يريد عمل شىء وآخر لا يريد، ولا تنسى وعى الرأى العام فى المحافظ، ومدى استعداده للمساعدة والحفاظ على ما أنجز.
■ لننتقل إلى ملف نظافة العاصمة، أنت متهم باستجلاب الشركات الأجنبية لرفع القمامة المصرية وما تبعه من أزمات حيث حصلت هذه الشركات على مبالغ ضخمة فى حين تحولت أكوام القمامة إلى تلال؟
- عملية النظافة ورفع القمامة كانت تدار عن طريق هيئة نظافة وتجميل القاهرة، وكنا نريد استجلاب تكنولوجيا جديدة للتعامل مع القمامة، بما فيها التدوير وإعادة التصنيع، فأعلنا عن ذلك بين الشركات المصرية والأجنبية، ولأنه لم تكن هناك شركات مصرية متخصصة فى هذا المجال، أرسلنا الإعلان إلى سفاراتنا فى إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وبريطانيا، وعن طريق المناقصات حصلت على العملية شركة إيطالية وأخرى إسبانية، وأنشأنا وحدة لمراقبة شروط العقد، وتم تعيين ٢٥٠ شاباً من حديثى التخرج، وتم تدريبهم على مراقبة شروط العقد، وأثناء وجودى كمحافظ لم تحدث أى مشكلة مع هذه الشركات.
■ هل تعتقد أن إزالة القمامة بحاجة لشركات أجنبية؟
- لم نقل فى الإعلان إننا نريد شركات أجنبية، إنما شركات قطاع خاص، ولم نشترط أن تكون أجنبية.
■ لكنك أعلنت عنها فى سفاراتنا بالخارج؟
- على العموم هى شركات أسست تحت القانون المصرى، وهذه الجهات الأجنبية دخلت كمساهمة مع أخرى مصرية، ثم إن شركة النظافة التى تعمل فى لندن هى شركة فرنسية، تلك التى كانت تعمل فى الإسكندرية، فلا عيب ولا غضاضة فى كونها أجنبية.
■ ما سبب مشكلة تفاقم أزمة القمامة بعد ذلك؟
- حتى تستطيعى مطالبة الشركات بالالتزام ببنود العقد، على الحكومة أولاً أن تلتزم بدفع المستحقات المالية لهذه الشركات لأن لديها عمالة، إضافة إلى أن جامعى القمامة القدامى كانوا متضررين من الوضع فسحبوا عمالهم، الذين لدى الشركات الأجنبية فتسببوا فى أزمة.
■ هذا يعنى أن الشركات الأجنبية اعتمدت على «الزبالين» المصريين أنفسهم؟
- نعم فالزبالون المصريون لديهم نقابة واتحاد خاص بهم فى منشية ناصر، وهم قرروا سحب عمالهم ولم يكتفوا بذلك، بل بدأوا يخربون فى الشوارع بفرز القمامة فى الشارع، وغير ذلك من عمليات التخريب، وجاءت أزمة ذبح الخنازير لتزيد من تفاقم الأزمة، حيث إن الخنازير عنصر مهم جداً فى دورة التخلص من القمامة، وبذبح الخنازير زادت القمامة فى الشوارع، واتهموا الشركات الأجنبية بأنها السبب، وهذا غير صحيح، ولابد أن نعترف بأن الوضع الحالى أفضل كثيراً مما سبق، فالقاهرة والجيزة كانتا أسوأ قبل دمحترم الشركات الأجنبية، فقد وفرت حوالى ٣٠٠٠ عامل نظافة فى القاهرة، بعد أن كان العدد السابق الذى كانت تعتمد عليه هيئة نظافة وتجميل القاهرة ٢٥٠٠ عامل فقط.
■ هذا يعنى أننا أعطينا أموالاً ضخمة لشركات أجنبية اعتمدت على العمالة المصرية، وحتى العدد الذى تعتبره ميزة لا أجد فى الفرق العددى ما يجعلها ميزة تستحق دفع كل هذه الأموال؟
- كونها شركات أجنبية لم يكن هو العامل المحدد، ولا حتى عدد العمال، إنما الخبرة واستجلاب التكنولوجيا والمعدات الحديثة.
■ أى تكنولوجيا.. لا نرى سوى بائسين يرتدون ملابس عمال النظافة، و«مقشات بلح» ولا نرى تكنولوجيا تصول وتجول فى الشوارع؟
- كل هذا خطأ، ولم نكن نعلم أن الأمر سيصل إلى هذا الوضع، والتطبيق هو المشكلة.
■ قيل إن الشركات حصلت على مليارات الجنيهات؟
- لا ليس إلى هذا الحد، الأمر كان محسوباً بعدد الأحياء وعدد الشوارع فى كل حى، والأدوات المستخدمة..إلخ.
■ كل الدراسات تقول القمامة المصرية من أغنى أنواع القمامة، بمعنى أنه كان يفترض أن تدفع الشركة للحكومة أموالاً مقابل هذه القمامة، وأضعف الإيمان أن ترفعها دون مقابل؟
- هى قمامة غنية لو تم تدويرها.. لكن المسألة مجهدة وصعبة، وليست كما تتصورين، ومشكلتها الحقيقية تكمن فى سلوكيات الناس الذين يرمون القمامة من البلكونات أو تتركها فى عرض الطريق.
■ هل يمكن أن نلقى باللوم على الزيادة السكانية فى أغلب المشكلات التى تواجهنا؟
- لا.. فهناك دول كثيرة لديها زيادة فى السكان، ومع ذلك وظفت الثروة السكانية فى خدمة التنمية، مثل الصين والهند وكوريا الجنوبية وإيران.
■ ولكن هناك ما يسمى التحفيز الإيجابى للحد من الزيادة السكانية، فما التحفيز الذى قدمته الحكومة المصرية للناس؟
- لا يوجد.. ولا تصدقى إطلاقاً أن الفقراء سيقللون النسل دون أن يكونوا متعلمين ومستواهم الاقتصادى معقول، فزيادة الوعى والتعليم ومستوى الدخل مدخل لتنظيم الأسرة، قبل ذلك لا تنتظرى تنظيما للأسرة. ومصر إمكانياتها جيدة، والدليل الملايين التى تخصص للعلاج على نفقة الدولة، لكنها لا تذهب إلى مستحقيها.
■ ماذا عن الجملة التى يرددها دائماً وزير المالية يوسف بطرس غالى «أجيب منين»؟
- الإمكانيات متوافرة، لكن على الدولة أن ترتب أولوياتها، فيجب أن يأتى الوضع الاجتماعى والتعليم والصحة فى الصدارة.
■ إذن الإمكانيات موجودة، لكنه الفساد الإدارى؟
- لنقل إنه العجز الإدارى.
■ لنترك الشأن العام قليلاً، ودعنى أسألك سؤلاً خاصاً.. مكثت أقل من عام ونصف العام فقط فى وزارة التنمية المحلية، فما سبب خروجك من الوزارة؟
- لو كنت أعلم سأخبرك!
■ بعد كل هذه المدة كمحافظ، ألم تكن لديك الخبرة الكافية لإدارة وزارة التنمية المحلية، لتخرج منها سريعا أم أنك أغضبت الرئيس؟
- إطلاقاً فعلاقتى بالرئيس ممتازة، الحمد لله أنا راضٍ عن أدائى لمهمتى.
■ لكن عاماً ونصف العام ليس بالتكريم اللائق بعد خدمة طويلة كمحافظ؟
- أجاب بعد تردد شديد: موضوع البناء على الأرض الزراعية هو سبب خروجى من الوزارة، فقد كنت على طول الخط رافضاً لهذا التصرف، وأرى أن التوسع فى الحيازة العمرانية على حساب الأراضى الزراعية خطر كبير يواجه مصر.. وكان هذا موقفى منذ أن كنت محافظا، وأثيرت الأزمة وصعدت إلى مستويات أكبر، وعقدت لجان عدة، وفى كل مرة أقول نفس الرأى.. وعلى ما يبدو أن إصرارى على عدم منح تراخيص للبناء على الأراضى كان أحد أسباب خروجى من الوزارة.
■ ما وجهة نظر الطرف الآخر فى السماح بالبناء على الأراضى الزراعية ورفضهم لموقفك؟
- كان يبرر منطقه باحتياجات الناس للإسكان فى الريف، ورددت عليهم باقتراح يحل المشكلة، وهو الظهير الصحراوى والمجتمعات العمرانية الجديدة، وقال لى أحد الشخصيات فى الحزب الوطنى صراحة «لا تمنع البناء على الأراضى الزراعية.. إحنا داخلين على انتخابات».
■ تقصد أنهم أرادوا الاستمرار فى البناء على الأراضى الزراعية لكسب مزيد من التأييد فى الانتخابات؟
- «حاجة زى كده».
■ من هى هذه الشخصية الحزبية؟
- لن أذكر أسماء.
■ هل الصدام كان مع أحد الوزراء؟
- الوزراء غلابة.
■ مع أحد أعمدة النظام؟
- تقريباً.
■ ما علاقتك بـ«صفوت الشريف»؟
- طبيعية.
■ وأحمد عز؟
- علاقة سيئة.
مواضيع مماثلة
» وفاة الوزير السابق عصام راضى
» الدكتور عبد الرحيم شحاتة
» السيد الفاضل معالى / وزير التربية والتعليم استغاثات
» عاجل..شحاتة مديرا فنيا للزمالك
» حرم المرحوم الاستاذ محمد هاشم شحاتة
» الدكتور عبد الرحيم شحاتة
» السيد الفاضل معالى / وزير التربية والتعليم استغاثات
» عاجل..شحاتة مديرا فنيا للزمالك
» حرم المرحوم الاستاذ محمد هاشم شحاتة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى